مقال
في أصول الحوار
/ 26 /
لقد غدونا على إثر بعض الكلمات الهزيلة المستنبتة في ربوع ثقافتنا نعاير و ننشئ علاقاتنا على نحو خاطئ، ففي الوقت الذي كان فيه يهود يقولون لنبيهم ( فاذهب أنت و ربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون) [المائدة24] كان صحابة نبينا الأكرم صلوات الله و سلامه عليه يقولون ( سمعنا و أطعنا ) ( و اذكروا نعمة الله عليكم و ميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا و أطعنا ) [المائدة7]
إن الأخذ و العمل بمقتضى الكلمات الممروضة التي تم بثها في أرجاء ثقافتنا أدت إلى ضياع أمتنا، و بتنا جلوسا على موائد لئام نستجدي عطاءهم المسرطن !!
أيها السادة و السيدات:
لم تعد أمتنا تفقه أصول الحوار الحضاري! [ أقصد بالحوار الحضاري ذاك التدافع بين أفراد المجتمع الواحد طلبا لحضارة و رقي ] ذلك أن حواجز و متاريس كثيرة أنشئت للحيلولة دون ثقافتنا الأصيلة ذات الحوافز غير المحدودة للعطاء - لقد تم تغريب أمتنا عن ثقافتها الوارفة -
إن كلمة "ديكتاتورية" التي تم استنباتها في أرضنا أثمرت حنظلا، و إليكم الدليل:
1 - في أصل ثقافتنا تعد العلاقة السوية بين الآباء و الأبناء - على سبيل المثال - القائمة على احترام متبادل بينهما وفق رؤية تربوية بعيدة المدى وصولا إلى مجتمع قوي و متماسك، تعد تلك العلاقة من أسباب عظمة هذه الأمة
لكن كلمة "ديكتاتورية" التي دخلت خلسة بيتنا الثقافي استعاضت تلك العلاقة السوية - أي علاقة السمع و الطاعة، و الاحترام المتبادل بين آباء و أبناء، بين زوج و زوجه، بين حاكم و محكوم، بين رئيس و مرؤوس - بعلاقة تقوم على تناحر و صراع، بل قد أشعلت - الديكتاتورية - روح التمرد و المواجهة بين جميع الأطراف بدعوى وجود تسلط و قهر و هيمنة !! [ قلت: للأسف، بسبب هذه الكلمة " الديكتاتورية " لم يعد ثمة إلفة و تراحم و تواصل بين أفراد المجتمع الواحد، بل هو الغيظ و الكيد و النفور ]
إنه يتوجب على الطليعة المثقفة ألا تكرس في مجتمعاتها لهذا المصطلح الخائب، و ذلك على سبيل الوصول إلى حوار حضاري راق و بناء.
- و كتب: يحيى محمد سمونة -
0 التعليقات:
إرسال تعليق