الأحد، 27 مايو 2018

قصة قصيرة بعنوان /مشاركة /بقلم المبدع الروائي القاص سليم عيشان

" مشاركة " ؟؟!!
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
---------------------------------------
( آخر ما جادت به قريحة الكاتب ولم يسبق نشر النص من قبل ) .
تنويه :
أحداث وشخوص النص حدثت على الواقع خلال مسيرات العودة وكسر الحصار عن غزة .. وليس من فضل للكاتب على النص اللهم سوى الصياغة الأدبية فحسب .
إهداء خاص :
لأبطال النص ...
ولكل الأبطال الذين قاموا ويقومون بالـ " مشاركة " ..
مقدمة :
ليس أقل من أقوم بالـ ( مشاركة ) بقلمي وحرفي في " مسيرة العودة وكسر الحصار عن غزة " ..
وليس أقل من أقوم بتقديم واجب العرفان والتبجيل .. لكل من قام بالـ " مشاركة " ...
وليس أقل من اقوم بتوثيق ذلك .
( الكاتب )
--------------------
" مشاركة ؟؟!!
فتاة رائعة هي .. رائعة الجمال .. الأخلاق .. الدين .. العلم والثقافة ..
تقدم لها " العرسان " الكثيرون .. فرفضت الزواج أو مجرد الارتباط  قبل أن تتم تعليمها الجامعي .. فكان لها ما أرادت .
بعيد حصولها على الشهادة الجامعية العليا .. تقدم لخطبتها أحد الأطباء .. والذي كان يحاضر لها لبعض المواد العلمية الجامعية .. والذي كان يعمل في مستشفى المدينة إلى جانب عمله الجامعي .. والذي أعجب بقوة شخصيتها .. ودماثة طبعها.. وحسن خلقها .. وتمسكها بأهداب الدين .
تمت " الخطوبة " في حفل عقد قران شهده الجميع .. وكان حفلاً مميزاً.. على أن يتم الزواج بعد أشهر قليلة .
وقد كان .. - ليس أمر الزواج بالطبع - .. ولكن تلك المسيرات السلمية التي قام بها الجميع ضد العدو المتغطرس .
في يوم المسيرة الكبرى .. كان الطبيب قد حزم أمره على القيام بالمشاركة الفاعلة كوطني حر شريف يشارك أبناء شعبه آلامهم وآمالهم ... وكطبيب يحاول أن يداوي جراحهم وإصاباتهم ... فمن المتوقع في ذلك اليوم أن تكون هناك إصابات عديدة بين صفوف المشاركين ... والواجب الوطني والإنساني والمهني يحتم عليه التواجد والمشاركة .
طلبت منه " خطيبته "  .. أن تقوم بالمشاركة في المسيرة أسوة بكل المشاركين من كل الأطياف والطبقات والفئات العمرية ... أكد لها بأن الأمر جد خطير ... وهو يخشى أن يحدث لها أي مكروه لو قامت بالمشاركة ... فالعدو لا أمان له ..
بدورها ؛ فقد صممت على رأيها .. وأبت إلا أن تقوم بمشاركة الجميع في المسيرة في مثل ذلك اليوم الحاسم .. فليست هي أقل وطنية من الجميع ...
في النهاية اضطر الدكتور للرضوخ للأمر بشرط أن تظل إلى جانبه طوال الوقت ولا تبتعد عنه  بالمطلق ؛ فوافقت على رأيه .
ما لبثا أن ذابا في خضم المعمعة ... وانصهرا في بوتقة الزخم للبحر البشري متلاطم الأمواج ... وبدأت فعاليات المسيرة السلمية للمطالبة بحق الرجوع للوطن .. وكسر الحاصر ..
العدو المتعجرف كان يرد على المسيرة السلمية بشراسة وعنف ... ضد المشاركين العزل المسالمين ... فيطلق عليهم النيران بكثافة ... ويقوم بإلقاء قنابل الغاز السام عليهم .. من الأرض ومن الجو .. فسقط عدد كبير من الشهداء والمصابين ..
كان الأمر يتطلب جهداً مضاعفًا من الدكتور لبذل كل ما يستطيع من أجل المساعدة في علاج المصابين في المستشفى الميداني الذي أقيم في المكان بشكل مؤقت ... وفي خضم انشغاله بالأمر ... لم يتنبه لابتعاد " خطيبته " عنه .
في مساء ذلك اليوم ... قام الجميع بزيارتها وهي ترقد في السرير الأبيض .. في مستشفى المدينة الكبير ...
رددت الفتاة بصوت تخنقه العبرات المتحجرة في المآقي :
-  لست أدري ... هل سيقبل بي خطيبي الدكتور زوجة أم لا ؟؟ .. خاصة وأنني قد فقدت قدمي اليسرى.. ويدي اليمنى ؟؟؟ .
اقترب أحدهم منها .. هتف بالحديث بصوت متحشرج :
-  لقد جئنا الآن من طرف الدكتور .. من أجل هذا الأمر بالذات .. إنه في الحجرة الأخرى المجاورة لحجرتك هذه ..
إنه أرسلنا إليك .. لكي نسألك نفس السؤال ... هل تقبلين به زوجاً أم لا ؟؟؟ .. خاصة وأنه قد فقد كلتا قدميه ... وكلتا يديه ؟؟؟!!!! ...

(( انتهى النص .. ولكن لم تنته الملحمة البطولية .. ولم تنته المسيرات السلمية للعودة وكسر الحصار ... وما زال الشهداء يتساقطون .. وما زال الجرحى يصابون .. وما زال الكل يقوم بالـ " مشاركة " ...  ))

0 التعليقات:

إرسال تعليق