نحن والتراث لمحمد عابد الجابري.( 1 ) .
نحن والتراث قراءة معاصرة للدكتور محمد عابد الجابري ، وهي مساهمة متواضعة من اجل اقرار طريقة ملائمة في التعامل مع الثراث، هي قراءة في التراث الغاية منها تسطير معالم منهج ، وهي قراءة تتجاوز البحث الوثائقي والدراسة التحليلية،وهي معاصرة لمحتواها المعرفي والمضمون الإيديولوجي ، كما تعتمد هذه القراءة في التراث على الفصل والوصل كخطوتين منهجيتين رئيسيتين .
كيف نستعيد مجد حضارتنا؟ كيف نحيي تراثنا؟ سؤالان يشكلان بترابطهما أحد المحاور الثلاثة الرئيسية في إشكالية الفكر العربي الحديث والمعاصر. لقد اتخذت عملية تأكيد الذات شكل نكون ويتعلق الأمر بالتيار السلفي الذي انشغل أكثر من غيره بالتراث واحياءه واستثماره في إطار قراءة أيديولوجية سافرة. لبس هذا التيار لباس حركة دينية وسياسية اصلاحية ومتفتحة مع الافغاني ومحمد عبده حركة تنادي بالتجديد وترك التقليد. انها السلفية الدينية التي رفعت شعار الاصالة والتمسك بالجذور والحفاظ على الهوية . نحن اذن أمام قراءة أيديولوجية جدالية لكن اصبحت فيما بعد الوسيلة غاية . فالماضي الذي اعيد بناؤه اصبح هو نفسه مشروع النهضة مما جعل السلفي يستعيد الصراع الإيديولوجي الذي كان في الماضي وينخرط فيه ويبحث له عن خصوم في الحاضر والمستقبل. القراءة السلفية للتراث قراءة لا تاريخية ولا يمكن ان تنتج سوى نوع واحد من الفهم للتراث هو الفهم التراثي للتراث.
...............................................
نحن والتراث لمحمد عابد الجابري( 2 )
كيف نعيش عصرنا؟كيف نتعامل مع تراثنا؟ سؤالان يتضمنان بارتباطهما أحد المحاور الرئيسية في اشكالية الفكر العربي الحديث والمعاصر. ينظر الليبرالي العربي الى التراث العربي الاسلامي من الحاضر الذي يحياه، حاضر الغرب الاوروبي، انه يقرا التراث قراءة سلفية استشراقية (ص 9) خلاف القراءة العلمية التي تتوخى الموضوعية والحياد دون أن تكون لديها أهدافا نفعية او أيديولوجية . الرؤية الاستشراقية تقوم على معارضة الثقافات ومن هنا المنهج الفيلولوجي الذي يحاول رد كل شيء الى اصله ، وحين يكون التراث العربي الاسلامي فان مهمة القراءة تنحصر في رده الى اصوله اليهودية والمسيحية والفارسية واليونانية والهندية ...
ومن هنا تنكشف دعوى المعاصرة في الفكر الليبرالي العربي الحديث والمعاصر عن استيعاب للذات خطير . ( ص10 ) .
كيف نحقق ثورتنا؟ كيف نعيد بناء تراثنا؟ سؤالان يتضمنان أحد المحاور الرئيسية في اشكالية الفكر العربي المعاصر . العلاقة جدلية بين الثورة والتراث، مطلوب من الثورة إعادة بناء التراث، ومطلوب من التراث ان يساعد على إنجاز الثورة. والفكر اليساري هو الذي يتبنى المنهج الجدلي لكنه يتبناه كمنهج مطبق . هل يكون التراث العربي الاسلامي انعكاسا للصراع الطبقي وميدانا للصراع بين المادية والمثالية؟ (ص11).
من اجل نقد علمي للعقل العربي.
ما يهمنا من خلال هذه القراءة طريقة التفكير التي ينتجها الفعل العقلي اللاشعوري ، انونقد الاطروحات بفعل الأساس المعرفي هو نقد إيديولوجي للايديولوجيا ، اما نقد طريقة الانتاج النظري اي الفعل العقلي فهو وحده الذي بمكن ان يكتسي الصبغة العلمية ويمهد الطريق لقيام قراءة علمية واعية ( ص 12)
ان الفكر الذي لا يستطيع الاستقلال بنفسه يلجأ إلى تعويض هذا النقص بجعل موضوعاته تنوب عنه في الحكم على بعضها ، والفكر العربي الحديث والمعاصر من هذا النوع ولذلك كان معضمه سلفي النزعة والميول . لماذا تطبع النزعة السلفية الفكر العربي المعاصر ككل؟ القراءات الثلاث التي تحدثنا عنها قراءات سلفية غير مختلفة من الناحية الايبستيمولوجية لأنها مؤسسة على طريقة واحدة في التفكير التي سماها الباحثون العرب القدامى قياس الغائب على الشاهد (ص 23).
........ ........ ........
نحن والتراث للدكتور محمد عابد الجابري ( 3 )
افتقد الفكر العربي الى الموضوعية ، وهو في مجمله فكر لا تاريخي، لذلك كانت قراءته للتراث قراءة سلفية لذا كان لا بد من ضرورة القطيعة مع الفهم التراثي للتراث. (ص 17).
نحن لا ندعو إلى القطيعة مع التراث ، أننا ندعو إلى التخلي عن الفهم التراثي للتراث أي التحرر من الرواسب كالقياس النحوي الإيديولوجي .
ندعو إلى القطيعة التي تحولنا من كائنات تراثية إلى كائنات لها تراث. (ص 19).
ليس التراث إنتاجها تاريخيا وحسب بل انه إنتاج صنعه التاريخ والمجتمع ، انه عطاء إنساني (ص25).
لم يكن ألحاحنا على التميز بين المحتوى المعرفي والمضمون الايديولوجي ضرورة منهجية بل ان واقع الفكر الفلسفي في الاسلام يفرض ذلك ، وكانت هناك محاولة لدمج بنية الفكر العلمي اليونانية في بنية الفكر الديني الاسلامية باعتبار ان الاولى تمثل الرؤية العقلية العلمية للكون والانسان ، والثانية تمثل الحقيقة المطلقة والهوية الحضارية . انها محاولة التوفيق بين العقل والنقل.
ثلاث خلاصات يمكن الخروج بها من القراءات السابقة - طبيعة الخطاب الفلسفي في الاسلام ووظيفته الاجتماعية والتاريخية- علاقة هذا الخطاب بالفلسفة اليونانية وبكيفية عامة بعلوم الاقدمين - ما تبقى من هءا الخطاب وما يمك ان نجده من عناصر او استشرافات المرتبطة بنا نحن العرب ( ص38).
عانى الفكر الفلسفي في الاسلام من ظلم المؤرخين لقد اعتبره المؤرخون القدامى بضاعة أجنبية وعلوما دخيلة ،واعتبره المستشرقون مجرد امتداد للفلسفة اليونانية في العصر الهيلينيستي وحكم بعضهم على الفلسفة الإسلامية الهجانة والعقم ، وتحدث الكتاب اليساريون العرب عن التحليل المادي التاريخي وعن الصراع الطبقي والصراع بين المادية والمثالية . مواقف مختلفة لكنها تصب كلها في عزل الفكر الفلسفي في الاسلام عنزمحيطه الثقافي والسياسي والاجتماعي والحضاري، ومحاولة تشويه هويته ووظيفته ، وتخريف مسيرة تطوره (ص 39).
0 التعليقات:
إرسال تعليق