هي......... السنديان
هناك تحت شجرة السنديان الهرمة المزروعة في حديقة منزلها العتيق التي زرعها والدها لها كتذكار مولدها و تطل على هضبة واسعة منبسطة كانبساط كفيها الناعمتين
تلك السنديانة العتيقة كعتق عمرها وتحت أغصانها الورافة الظل 'المتشابكة الأوراق و التي تمتد حولها لأمتار كامتداد عمرها وتشابك أحداث حياتها'
جلست لترتاح استراحة المحارب مع فنجان قهوتها السادة المرة وسيجارتها المعتادة ' تترقب مغيب الشمس ككل يوم كأنها ترقب اقترابها من الأجل و مع تهادي الليل الطويل الذي يلف حياتها بالرتابة والكآبة مع الحزن والألم والأسى.
لم يبق إلا من ضوء شفق شمس المغيب تبدأ رشفتها الأولى من فنجان القهوة التي بدأت تبرد والتي تشعرها ببعض من الدفء واللذة لتداعبها ذكريات الصبا والحب.
يأتي دخان سيجارتها المتناثر في الأجواء ليمحي من ذاكرتها صورة حبيب منحته الحب والحنان والوفاء والإخلاص ذات يوم فترك في صدرها غصة الغدر والخيانة ومرارة الأيام كمرارة قهوتها السادة.
ومع الرشفة الثانية تداعب عينيها وشعرها الغجري الرمادي الطويل أ نسام خفيفة تغمض عينيها لتتذكر لمة الأهل والأصدقاء والأحباب و تقتحم ذاكرتها الطفولية أحداث وأحداث أبعدت الجميع في خضم الحياة ومعركة البقاء 'لترى نفسها من جديد وحيدة مع سنديانتها.
تتأمل فنجان قهوتها مع آخر رشفة و تتمنى ألا ينتهي لكن سيجارتها قد اطفأتها النسمات الباردة التي تلف حياتها والمغيب' تحاول جاهدة الحفاظ آخر تذوق في حياتها و ذاكرتها فلم يعد لديها سوى طعم مرارة القهوة الممزوج بالألم والخيبة والانكسار.
تعود مع مغيب الشمس إلى ليلها الطويل وحيدة قابعة في زاوية الحياة تذوي وتذبل كالوردة المنسية في زهرية جميلة في زاوية ذاك البيت العتيق كأجمل ديكور يزين المكان ولكنها وردة بلا عطر أو بريق وبقايا إنسانة بلا روح ولا رفيق ولا مؤنس ولا حتى صديق' لتكون الوحدة توأمها بالوفاء '
تختفي معها كاختفاء دخان سيجارتها ويبقى لها مرارة طعم قهوتها هي ما يميز أيامها الأخيرة و لتبقى مع سنديانتها رفيقة دربها من صباح العمر إلى مغيبه هي الشاهد على وجودها يومآ.
بقلمي :حنان الجندي
0 التعليقات:
إرسال تعليق